تبدأ القصة وما يحلو الكلام إلا بعد الصلاة على خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، أن هناك رجلان صديقان يعيشان في بغداد القديمة بأزقتها وشوارعها المتقاربة أحدهما يدعى أحمد والآخر سعد قرر أحمد أن يذهب لأداء الحج ويسافر من بغداد إلى مكة المكرمة لأجل أن يحج وكان وقتها الحج يطول سنة أو أكثر، لأن الإنسان يذهب مسافرا على البعير وإلى أن يصل يحتاج لعدة أشهر وقد يبقى هناك عدة أشهر ومن ثم يعود لبلده ويستغرق الأمر شهورا أيضا ولم تكن هناك سيارات أو طائرات لتسهيل عملية السفر وكان عند أحمد نقود ذهبية ومصوغات ذهبية أيضا فخاف أن يتركها في داره فقرر أن يودعها عند شخص يثق به.
زيتون وذهبففكر ثم فكر ثم فكر، فقال أن أفضل شخص يمكن أن يودع الأمانة عنده هو صديقه سعد، وفعلا قرر ذلك ولكنه لم يخبره أنه سيودع عنده ذهبا بل جاء بجرة ووضع فيها الزيتون بالماء والملح ووضع في أسفل الجرة الذهب بكيس قوي وذهب بالجرة إلى صديقه سعد وقال له يا صديقي الحبيب أنا ذاهب للحج وهذه الأمانة أتركها عندك، فرد سعد: (تدلل أي على الرحب والسعة) وسافر أحمد إلى الحج.
ومرت الشهور الستة الأولى ولم يعد أحمد ومرت السنة ولم يعد أحمد ومرت شهور ثلاث بعد السنة ولم يعد أحمد، فقالت زوجة سعد لزوجها: إن صديقك سافر منذ أكثر من سنة وربما لن يعود، فلماذا لانفتح الجرة فان الطعام الذي فيها أكيد قد فسد الآن، فقال لها اتقي الله يا زوجتي إنها أمانة، فقالت له ولكنه تأخر ولن يعود وربما مات في سفره.
وبالنتيجة قام سعد وزوجته وفتحا الجرة ووجدا الذهب، وبعد أشهر 3 من فتح الجرة وسنة ونصف من سفر أحمد عاد من الحج وبعد أيام قلائل ذهب لصديقه سعد لاسترداد الأمانة وفعلا اخذ الجرة ورجع لبيته والمفاجأة انه لما فتحها وجد الزيتون ولم يجد الذهب، وطالب صديقه أن يرد له الذهب، فقال له أنت أعطيتني جرة فيها زيتون ولم يكن فيها ذهب وهنا ذهب أحمد إلى قاضي بغداد لكي يسترد حقه، وهنا تتصوروا ماذا كان حكم القاضي وكيف حكم؟
لقد حكم القاضي بأن سعد لم يأخذ الذهب لأنه لا يوجد دليل على أن الجرة كان فيها ذهب وإنما زيتون فقط، وحزن أحمد لذلك ولكنه احتسب أمره إلى الله تعالى وكان واثقا إن الله سيرد له حقه.
طفل.. وقاضيالقصة انتشرت بحواري بغداد وشوارعها حتى أن الأطفال بدؤا يلعبون لعبة القاضي وأحمد وسعد، وفي يوم من أيام وبينما الأطفال يمثلون في أحد الشوارع دور القاضي وأحمد وسعد، فإذا بقاضي بغداد يمر في تلك اللحظة ووصل إلى مرحلة الحكم فقال لأسمع من هذا الطفل كيف يمثل دوري وماذا يقول ولمن يحكم (اختبأ ليسمع حكم الطفل في القضية).
وتوقع أن يكون الحكم بمثل ما حكم هو أي لا يوجد ذهب وأن سعد لم يخن الأمانة، ولكن الطفل كان أكثر ذكاء ونباهة من القاضي، فقال للطفل الذي يمثل دور سعد ائتيني بالجرة التي فيها الزيتون، فجاء الطفل الذي يمثل دور سعد بجرة فيها زيتون فلما كشف الطفل القاضي الجرة قال لسعد: أنت تكذب هذا الزيتون لا يعود لأحمد لأن أحمد سافر من سنة ونصف تقريبا وهذا الزيتون الموضوع بالجرة هو زيتون لم يمر عليه هذا الوقت وبعده لم يتملح كثيرا لأنه جديد ولا بد لك أن ترد الأمانة لأحمد وهنا اعترف الطفل الذي يمثل دور سعد بأنه خان الأمانة وأخذ الذهب، وهنا عجب قاضي بغداد لذكاء ونباهة هذا الطفل.
أخطأ القاضي.. وأصاب طفلوقال: أخطأ القاضي وأصاب طفل، وهنا فورا استدعى قاضي بغداد أحمد وسعد وأعاد المحاكمة وطبق فعلا مثلما فعل الطفل وطلب من أحمد أن يحضر جرة الزيتون ولما كشف عنها وجد أن الزيتون الموجود بالجرة هو زيتون جديد وليس زيتونا مر عليه سنة ونصف وهنا قال لسعد أنت تكذب ولقد خنت الأمانة. وهنا اعترف سعد بأنه كان كاذبا ولم يصون الأمانة وأعاد الحق لأهله
