"هذه الفتوى بحاجة أولا أن تتعلم المرأة الكاراتيه أو أحد فنون القتال كي تنفذها للدفاع عن نفسها إذا تطلب الأمر، وبدون هذا فإن كثير من النساء لا تستطيع تطبيقها عمليا فكيف لهذا الكائن الضعيف أن تحاول ضرب زوجها دفاعا عن نفسها ، حينها ستنال الصاعين صاعين".
إنه رأي السعودية "م. ع" وهي شابة ومتزوجة حديثا تعقيبا على فتوى الشيخ عبدالمحسن العبيكان بجواز ضرب المرأة لزوجها دفاعا عن النفس.
وأفتى الشيخ العبيكان المستشار بوزارة العدل السعودية بجواز رد المرأة عنف زوجها بعنف مثله دفاعا عن النفس، فلو ضربها ضربته.
وأوضح أن هذا يأتي من باب "دفع الصائل، فأي إنسان هاجمه سبع او آدمي له حق الدفاع عن نفسه، حتى أن لو من صال عليه حاول قتلة يحق له قتله دفاعا عن النفس".
وأخرى تركية
الفتوى التي أصدرها العبيكان قبل أيام وأثارت جدلا على المستوى الداخلي السعودي، أثارت الجدل ذاته على المستوى الدولي بعد أن دعمتها فتوى من عالم الدين التركي، فتح الله كولن، بأحقية المرأة في الدفاع عن نفسها أمام عنف زوجها بأن ترد له الضرب بضرب، وأن تتعلم فنون الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه والجودو والتايكوندو.
وكلتا الفتويين لقيتا تأييدا من الأزهر الشريف؛ حيث أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، مشروعية ضرب الزوجة لزوجها للدفاع عن النفس، بحسب ما أوردته صحيفة "المصري اليوم" القاهرية اليوم الإثنين.
ضرب حتى الموت
المؤيدون لفتوى العبيكان والمعارضين لها لا يعرفون ان فتواه جاءت بعد يوم واحد من إعلان وزارة الداخلية السعودية عن تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطن أدين بقتل زوجته، بعدما أوسعها ضربا.
وأشارت الوزارة، في بيان لها يوم 21-10-2008، إلى أن إعدام عمر الوقداني تم في محافظة جدة، في منطقة مكة المكرمة، بعدما أدين بضرب زوجته حتى الموت، "بسبب مشكلة عائلية".
كما صدرت في اليوم نفسه الذي نفذ فيه حكم القصاص في المواطن موسى بن قاسم بن حسن داحش الذي أقدم على قتل زوجته عائشة بنت أحمد بن يحي عواجي (يمنية الجنسية) وذلك بضربها بعصا على رأسها وفي مواضع متفرقة من جسدها مما أدى إلى وفاتها.
بارك الله فيه
وجود مثل تلك الحالات التي دفعت فيها المرأة حياتها ثمنا لعنف زوج لا يرحم، جعل الجدل يتزايد داخل المجتمع حول فتوى أحقية المرأة ضرب زوجها ، "عشرينات" نزلت الشارع السعودي لترصد الجدل الدائر حول الفتوى.
"الجوهرة . م" أعربت عن ترحيباها بالفتوى معتبرة إياها ترد احد حقوق المرأة المسلوبة، وقالت " الشيخ العبيكان - بارك الله فيه – عندما أفتى بجواز رد المرأة عنف زوجها هذا من حقنا أن نرد عدوان الأزواج فهناك من الرجال من يفسر الدين على هواه ويعتقد أن قوامة الرجل تبيح له الافتراء على زوجته".
وتتفق معها في الرأي م. ع مشيرة إلى أن الإسلام لم يعطي للرجل الحق أن يمارس أي عنفٍ ضد زوجته، وتقول:" يكفي قول الله تعالي:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}.
ارتفاع الطلاق
أما عبدالله سلطان فأكد أن "تلك الفتوى ستخل باستقرار الحياة الزوجية وتفقد الرجل هيبته وكرامته، وتفتح المجال لارتفاع نسبة الطلاق بالمجتمع فكيف يقبل رجل أن تضربه زوجته".
ويرى سلطان أن "من حق أي رجل أن يعاقب زوجته بالضرب ولكن ليس إلى حد قتلها، والإسلام اعطى الرجب حق تأديب زوجته، والتأديب يأتي من قوامة الرجل على المرأة"، يقول تعالي : {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا..}.
أما خالد عيسى فحذر من أن تلك الفتوى ربما تؤدي إلى زيادة العنف الأسري المتنامي داخل المجتمع ، بدلا من أن تؤدي إلى كبحه، مشيرا إلى أن الدولة هي من حقها أن تأخذ حق المرأة إذا تقدمت بشكوى للقضاء ، لا أن تأخذ المرأة حقها بنفسها وإلا ستنتشر الفوضى، ويزداد العنف والعنف المضاد.. الحياة بين الزوجين يجب أن تكون بالمعروف لا بالعنف".
تحذير حقوقي
ورغم تحذير حقوقيون وخبراء من تزايد العنف ضد المرأة بالمجتمع السعودي فإنه لا توجد إحصاءات دقيقة تحدد حجم ذلك العنف، فيما برزت مؤخرا تحذيرات من وجود نوع جديد من العنف من الزوجات ضد الأزواج وإن بقي محدودا.
وفي دراسة أعدتها الدكتورة سلوى الخطيب من قسم الدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود عام 2006 حول "العنف الأسري الموجه ضد المرأة في مدينة الرياض"، أظهرت تزايد معدل العنف بين الأزواج المنعزلين اجتماعياً مقارنة بالأزواج الاجتماعيين. وتضاعف العنف، بحسب الدراسة، "بين الأسر التي تفتقد روح المشاركة وينفرد فيها الرجل باتخاذ القرار".
وأرجعت الخطيب أسباب العنف في المجتمع السعودي إلى "النظرة الدونية للمرأة التي تتسم بالمحافظة، إذ ينظر إليها البعض على أنها مخلوق ضعيف لا تستطيع اتخاذ القرارات السليمة ويرتبط ذلك بالمفهوم الخاطئ للقوامة بحيث تؤخذ على أنها تسلط وسيطرة من قبل الرجل على المرأة".
وعن مبررات استمرار المرأة في حياتها الزوجية رغم العنف الذي تتعرض له من زوجها، رأت أن "حرص المرأة على أسرتها بحيث تتحمل عنف الرجل وإيذائه لها في الكثير من الأحيان حفاظاً على سمعة أسرتها، ومصلحة أبنائها وحمايتهم يجعلها تتحمل الإهانات والعدوان والتسلط إذ يهدد بعض الرجال زوجاتهم إن تركن المنزل بحرمانهن من رؤية الأبناء".
