الأسرى الفلسطينيين وجرح النازف لن يتوقف

الأسرى الفلسطينيين جرحُ نازف لن يتوقف

تقرير/ جلس علي مائدة الإفطار ينتظر صوت المؤذن إيذاناً بانتهاء يومٍ من أيام رمضان فتذكر والده الذي كان يجلس ذات يوم قبالته يتناول معه الإفطار في شهر رمضان، فبكي وابكي من يجلس معه.

لم يكن بوسع أم الأسير محمد أبو جراد من مدينة بيت جانون شمال قطاع غزة سوي إطلاق كفيها إلى عنان السماء ُقبيل أذان المغرب، داعيةً الله أن يمُن علي ابنها والذي يقضي حكماً بمؤبدين بالإفراج القريب عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول : ' أصعب اللحظات في حياتي، عندما أتذكر ابني البكر محمد، والذكريات الجميلة معه خلال شهر رمضان قبل وقوعه في أسيرا في أيدي قوات الاحتلال في الثاني من نوفمبر عام 2007، فكلي أمل أن لا يطول غيابه عني أكثر من ذلك، وأخاف أن تتوفاني المنية قبل أن أضمه واشم رائحته من جديد،فلا له سوي الدعاء لله عزة وجل.

أما حال' ابتسام الزوجة 35 عاماً' فليس أفضل بكثير من حال الأم والتي قد تدفع ما تبقي من عمرها لتري فلذة كدها من جديد تقول' نحن نعد الأيام والسنين ورب البيت غائب عنا، تاركاً وراءه سبعة أطفال يحتاجون إلي أب يرعاهم ويعلمهم، ويأتي رمضان هذا العام والمناسبات السعيدة والكآبة والحزن مسيطرة علي حياتنا والحال يزيد من سيء إلي أسوأ، فكلما يكبر أطفالي يحتاجون والدهم بقربهم، مؤكدةً انه يتملكها أمل كبير باللقاء من جديد علي الرغم من صدور الحكم علي محمد بقضاء زهرة شبابه في سجون الاحتلال الإسرائيلي بمؤبدين.

دموعها كادت أن تخونها 'أحرص دوماً على أن أذّكر أبنائي بأبيهم ، ففي شهر رمضان يتجدد الألم ولهيب شوقي وشوق أطفالي لوالدهم، داعيةً له ولكافة رفاقه الأسري' اللهم فرج كربتهم وآنس وحشتهم وأنزل عليهم السكينة و ارزقهم الصبر والثبات يارب العالمين'...

'أتمني أن يعود لي والدي ويأخذني بيده إلي السوق لشراء العاب جديدة 'بهذه الكلمات تحدثت الطفلة 'سوزان 6' سنوات الجالسة بجانب جدتها والتي يبدو عليها ملامح اليتم، فكلماته قليلة ولكن نظراتها كانت كسهام ُيتم قاتلة.

'انس 14' عاما الابن البكر لمحمد يقول' لا احد يستطيع سد مكان والدي، فكان دائما يقول لي' أنت رجل البيت من بعدي..أنت من سيقف بجانبي في المستقبل'. ويكمل والدموع قد شقت خديه 'أتمني أن احضن أبي من جديد، فانا لم أراه منذ اعتقاله، قوات الاحتلال منعتني من زيارته لأنني مرفوض امنياً،نحن في رمضان لا يكاد يوم يمر علينا إلا ونتذكره عندما نجتمع ننتظر أذان المغرب، وأتذكره وأجهش بالبكاء علي فراقه لنا فانا احتاجه في هذا الوقت بالذات أكثر من أي وقت

ويتابع:' ينتابني شعور أن والدي معنا موجود بينا، وأصبحت كل يوم أوجه لجدتي سؤالا ' جدتي هل نخطر علي باله كما يخطر علي بالنا ' فتكون إجابتها الدموع الحارقة.

معاناة عائلة الأسير محمد أبو جراد قد لا تفوق معاناة عائلة الأسير 'رامي المصري 26 عاما' المعتقل منذ ثلاث سنوات ولم يتم إصدار الحكم عليه حتى هذه اللحظة وموقوف بتهمة قتل جندي إسرائيلي في مدينة رام الله فقد كان حزن تلك العائلة موجعاً.

أم الأسير رامي تقول' استقبلنا رمضان هذا العام بالدموع والحزن ، فحل الألم والحزن محل الفرحة ، فلقد انتزع الاحتلال الفرحة من قلوبنا باعتقال فلذة كبدي دون ذنب، مؤكدةً أن أصعب شي في الوجود هو فراق من الأحبة ونفتقدهم أكثر في هذه الأيام المباركة، وتتابع: ' كم تكون اللحظات قاسية في وقت الإفطار والسحور، حين يكون مقعده فارغاً ولكنه موجود في أعماق قلوبنا، مشيرة إلي انها لم تري رامي منذ ما يقارب العامين وتحديدا بعد الرابع عشر من حزيران 2007،عندما فرضت إسرائيل حصارا مشددا علي غزة،ومنعت أهالي الأسري من زيارة ذويهم،فلا اعلم كيف حاله الان مصيره بالنسبة لي مجهول وعند الله معلوم.

مشهد الحزن والدموع لا يغيب عن عشرات الآلاف من البيوت الفلسطينية ،فلا يكاد بيت من البيوت يخلو من أسير غيب الاحتلال جسده في غياهب السجون والزنازين والمعتقلات الإسرائيلية.

فمع كل عامٍ تتجدد الجراح الغائرة، وتفتح من جديد الجراح التي لا تندمل إلا بعودة الأحبة، فلسان حال ذويهم لا يتوقف عن الدعاء لهم بعودتهم إلي أحضانهم إليهم سالمين منتصرين علي عدو محتل جبار...

جرح الاسرى لا يتوقف

وربنا يصبر اهلهم ويصبرهم على معاناتهم

الاسرى في السجون هم تلك الشوكة المغروزة في حلوق الاهل والاصدقاء