قصة تخرج من جامعة الحياة

قصة تخرج من جامعة الحياة

... صلى اسامة الفجر وعاد مسرعا إلى البيت ..

دخل فإذا بها أمه لا زالت تصلي ... وقف يتأملها ... ويحصي ملامحها ... كأنه يراها لأول مرة ... أو آخر مرة ...

أنهت أم أسامة الصلاة ...وأخذت تدعو له بصوت خافت ... دعت له بالنجاح ... فاليوم النتائج نعم .. فهذا آخر فصل لأسامة في كلية الهندسة ... التخصص الذي يعشق .. درس أسامة الهندسة .. ليصبح مهندساً كالقائد البطل ... الشهيد يحيى عياش ...

أسامة أراك عدت باكرا ليس كعادتك .. هكذا قالت أم أسامة وهي تبتسم ... فأجابها نعم يا امي فاليوم مختلف إنه ليس كباقي الأيام ..أريد ان اكون جاهزا قبل أن يأتي عمر اتفقنا ان نذهب معاً لإحضار النتائج ...
واقترب من أمه دنا منها وجثا على الأرض بجوارها ... وأمسك يديها الطاهرتين وقبلهما قائلاً ... أمي أدعي لي بالنجاح .. أحست أمه بدموعه وهي تبلل يديها ...

أسامة ... ولدي هل أنت خائف أن لا تنجح ... أنت دائما الأول .. وستكون الأول على الجميع هذا الفصل ... وستعود لأمك تحمل الشهادة بأعلى علامة ... وعهدٌ علي أن أوزع الحلو ... وأزغرد لك حتى يسمع كل من في الحي ... حتى يعلم الناس أن ابني أصبح مهندسا ً عظيما .. نظر أسامة للبعيد لضوء الشمس وهي تشرق ...نعم إنها تشرق ..وها هو الضوء بدأ يبدد الظلام .. وأكمل قائلاً نعم يا أماه .. اليوم النتيجة الكبرى ...

ضمته أمه لصدرها وأخذت تبكي وتقول أريد ان أفرح بك يا أسامة .. أراد أسامة أن ينسحب من بين يديها لكنها كانت تضمه بشدة .. كأنها تخاف عليه من شيء مجهول ....
وجاءها صوت أبو أسامة ... يقول .. اتركيه يا ام أسامة ... عمر بالخارج ...
وأعاد قائلا ً .. أتركيه ... قالها بتنهيدة... والحزن يعلو صوته .... فنظر أسامة لوالده نظرة امتنان ...

وعلا صوت عمر من الخارج ... أسامة ...أسامة ...( يا الله تأخرنا )... فرد عليه أسامة .. دقائق وآتي ... فدخل غرفته .. لبس أحسن الملابس وتعطر ... وخرج حاملا حقيبتة ... سلم على أمه قبل يدها ولم يطل ... خاف أن يعدل عن الخروج .. خاف أن تشده الدنيا لها ... فلا يكمل المسير ..ووقف أمام والده فضمه الوالد قائلاً .. أسامة لا تطل علينا نريد ان نسمع الأخبار الحلوة ... فأجاب أسامة : إن شاء الله يا أبي دعواتك ..

خرج اسامة مسرعاً نحو الباب وقبل ان يخطو للخارج ... نادته أمه ... فوقف مكانه دون أن ينظر للخلف ... وبدأت دقات قلبه تتسارع ... هل أحسّت أمه بشيء ؟ ... فقالت له بصوت حازم لم يعهده منها قط .. أسامة عد وانت تحمل الشهادة ... .
غادر أسامة مسرعاً ... وهو يقول ... يــمّــه ادعيلي ... ادعيلي يا ست الحبايب .وتبعه صوتها ...الله يرضى عليك يا ابني ..

أوصل عمر أسامة بالسيارة للمكان المتفق عليه ... وقبل أن يفترق الرفيقان .. أعطى أسامة ... لعمر رسالة .. تفوح منها رائحة طيبة ... وقال له ... إذا نجحت ... اذهب إلى أمي وأقرئها مني السلام ... وبشرها بالنجاح والشهادة ... وإذا لم أنجح .. سكت قليلاً ثم أردف ...مزقها ... وودع رفيق طفولته .. قائلاً .. عمر لا تتأخر نحن بانتظارك ..

تسلل أسامة .. في داخل القدس .. هذه الشوارع التي يعرفها شبرا شبرا ... هنا مرابع الطفولة ... توجه نحو المسجد الأقصى يسير بثبات ...ثم صلّى ... صلّى صلاة مودع ... نظر للأقصى متأملا ... كل ركن ... كل زاوية .. وطبع بنظراته القبل على أحجاره الشريفة ...

ثم مضى .. مضى يحمل في قلبه إيماناً وعقيدة ... عقيدة راسخة .. حاملاً عزة وكرامة تأبى عليه أن يرى الأقصى في الأسر ... ولا يجود بنفسه لأجله ... أقصانا وقبلتنا الأولى ... ومعراج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ...
مضى حاملا في عينيه شوقاً لإخوانه الذين سبقوه على الدرب ... وفي جسده مضى يحمل العبوات الناسفة ..يخفيها بين ضلوعه وشرايينه .. ويده تمسك بذلك الزر الذي سينقله إلى الجنة بإذن الله ... وها هو يصل الهدف ... لم يخف ولم يفكر بالرجوع .. وتمتم قائلا أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله ... ثم علا صوته يجلجل بألله أكبر ... الله أكبر ...ثم ............
....
...
..
..

وهناك جلس ابو أسامة يشاهد التلفاز ... والأخبار تتوالى عن الضحايا الإسرائيليين ...إصابات خطيرة ..وقتلى .. لكن لم ترد أخبار عن المنفذ ... وإذا بالباب يطرق بقوة ...جاء عمر مناديا .. خالة أم أسامة زغردي ... زغردي يا خالة ... أسامة أخذ الشهادة ...
فألقت ام أسامة ما كان في يدها ... وأبو اسامة يحدق فيها ماذا ستفعل ..أتراها فهمت ...وعلت صوت الزغاريد تصدح في أرجاء المنزل ...

أرخى أبو أسامة رأسه بين كتفيه عندما رأى زوجته وهي تبكي وتزغرد في آن واحد ... وتقول أنا أم الشهيد ... أخذت تنادي على الجارات .. زغردي يا أم عمر ... زغردي يا أم احمد ...أسامة شهيد ... وراحت توزع الحلوى والسكاكر لتغرق أطفال الحي بها ...وحقاً أوفت بالنذر ...

نعم لقد كانت تعلم طوال الوقت ... هذا قلب الأم ... ويا لها من أم شجاعة .. لم تثن ولدها عن هدفه ... وهي تعلم انه ذاهب إلى الموت ..ولكن توجته بالدعاء..

بعد ايام جاء عمر بالرسالة ... امسكتها أم أسامة .. وراحت تشمها وتضمها.. ثم اسرعت إلى غرفة ولدها ... واغلقت الباب وهناك فتحت الرسالة لتقرأ فيها ...

أمي الحبيبة :

رضاكي يا أمي ... إن رضا الله منوطٌ برضاكي ... فأسألكي ان تكوني راضية عني ..... اماه ... إني والله ما أحببت الدنيا يوما ولا ادخلتها قلبي .. وإني لست حزينا على الرحيل منها ... ولكن كل حزني أني مفارقك انت وأبي ... أمي الغالية.. لا تحزني علي ... اصبري واحتسبي ... واعلمي اماه أني حي ...وأني ما فارقتكم كرهاً في الحياة ..
و لولا أني أعشق الحياة ... لما ذهبت اطلب الموت ...

وموعدنا يا أماه الجنة ...

ابنك البار أســـامـــة

لا تعليق

الشهادة ربيع الحياة ولا موت لشهيد يختار المصطفى وجور الانبياء

فلسطين بعزك نخطو للمجد وتعلوا فينا الحياة

رحمك الله أسامة ورحم شهدائنا جميعا

قصه رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائعه جدا
ولو في كلمه بتعبر على انها اكتر من رائعه
لكتبتها
ويارب ان كون من الي رح ناخد رضا اهلنا
تقبل مروري